خدمات تلفن همراه

قرآن تبيان- جزء 30 - حزب 59 - سوره نبأ - صفحه 582


شروع جزء 30و حزب 59


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ عَمَّ یَتَسَاءَلُونَ
1 - ( عم ) أصله عما ، علي أنه حرف جر دخل علي ما الاستفهامية ، وهو في قراءة عكرمة وعيسي بن عمر . قال حسان رضي الله عنه : علي ما قام شتمني لئيم كخنزير تمرغ في رماد والاستعمال الكثير علي الحذف ، والأصل : قليل . ومعني هذا الاستفهام : تفخيم الشأن ، كأنه قال : عن أي شأن يتساءلون . ونحوه ما في قولك : زيد ما زيد ؟ جعلته لانقطاع قرينه وعدم نظيره كأنه شي ء خفي عليك جنسه فأنت تسأل عن جنسه وتفحص عن جوهره ، كما تقول : ما الغول وما العنقاء ؟ تريد : أي شي ء هو من الأشياء هذا أصله ، ثم جرد للعبارة عن التفخيم ، حتي وقع في كلام من لا تخفي عليه خافية ( يتساءلون ) يسأل بعضهم بعضا . أو يتساءلون غيرهم من رسول الله صلي الله عليه وسلم والمؤمنين . نحو : يتداعونهم ويتراءونهم . والضمير لأهل مكة : كانوا يتساءلون فيما بينهم عن البعث ، ويتساءلون غيرهم عنه علي طريق الاستهزاء
عَنِ النَّبَإِ الْعَظِیمِ
2 - ( عن النبإ العظيم ) بيان للشأن المفخم . وعن ابن كثير أنه قرأ : عمه ، بهاء السكت ، ولا يخلو : إما أن يجري الوصل مجري الوقف وإما أن يقف ويبتدئ ( يتساءلون عن النبأ العظيم ) علي أن يضمر ( يتساءلون ) لأن ما بعده يفسره ، كشي ء يبهم ثم يفسر . فإن قلت : قد زعمت أن الضمير في يتساءلون للكفار ، فما تصنع بقوله
الَّذِی هُمْ فِیهِ مُخْتَلِفُونَ
3 - ( هم فيه مختلفون ) ؟ قلت : كان فيهم من يقطع القول بإنكار البعث ، ومنهم من يشك . وقيل : الضمير للمسلمين والكافرين جميعا ، وكانوا جميعا يسألون عنه . أما المسلم فليزداد خشية واستعدادا ، وأما الكافر فليزداد استهزاء . وقيل : المتساءل عنه القرآن . وقيل : نبوة محمد صلي الله عليه وسلم . وقرئ : يساءلون بالإدغام ، وستعلمون بالتاء .
کَلَّا سَیَعْلَمُونَ
4 - ( كلا ) ردع للمتسائلين هزؤا . و ( سيعلمون ) وعيد لهم بأنهم سوف يعلمون أن ما يتساءلون عنه ويضحكون منه حق ، لأنه واقع لا ريب فيه . وتكرير الردع مع الوعيد تشديد في ذلك . ومعني
ثُمَّ کَلَّا سَیَعْلَمُونَ
5 - ( ثم ) الإشعار بأن الوعيد الثاني أبلغ من الأول وأشد .
أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا
6 - فإن قلت : كيف اتصل به قوله ( ألم نجعل الأرض مهادا ) قلت : لما أنكروا البعث قيل لهم : ألم يخلق من يضاف إليه البعث هذه الخلائق العجيبة الدالة علي كمال القدرة ، فما وجه إنكار قدرته علي البعث ، وما هو إلا اختراع كهذه الاختراعات . أو قيل لهم : ألم يفعل هذه الأفعال المتكاثرة . والحكيم لا يفعل فعلا عبثا ، وما تنكرونه من البعث والجزاء مؤد إلي أنه عابث في كل ما فعل ( مهادا ) فراشا . وقرئ : مهدا . ومعناه : أنها لهم كالمهد للصبي : وهو ما يمهد له فينوم عليه ، تسمية للممهود بالمصدر ، كضرب الأمير . أو وصفت بالمصدر . أو بمعني : ذات مهد ، أي :
وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا
7 - أرسيناها بالجبال كما يرسي البيت بالأوتاد
وَخَلَقْنَاکُمْ أَزْوَاجًا
8 - أرسيناها بالجبال كما يرسي البيت بالأوتاد
وَجَعَلْنَا نَوْمَکُمْ سُبَاتًا
9 - ( سباتا ) موتا . والمسبوت : الميت ، من السبت وهو القطع ، لأنه مقطوع عن الحركة . والنوم : أحد التوفيين ، وهو علي بناء الأدواء . ولما جعل النوم موتا ، جعل اليقظة معاشا ، أي : حياة في قوله ( وجعلنا النهار معاشا ) أي : وقت معاش تستيقظون فيه وتتقلبون في حوائجكم ومكاسبكم . وقيل : السبات الراحة
وَجَعَلْنَا اللَّیْلَ لِبَاسًا
10 - ( لباسا ) يستركم عن العيون إذا أردتم هربا من عدو ، أو بياتا له . أو إخفاء مالا تحبون الاطلاع عليه من كثير من الأمور . وكم لظلام الليل عندك من يد تخبر أن المانوية تكذب
وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا
11 - ( لباسا ) يستركم عن العيون إذا أردتم هربا من عدو ، أو بياتا له . أو إخفاء مالا تحبون الاطلاع عليه من كثير من الأمور . وكم لظلام الليل عندك من يد تخبر أن المانوية تكذب
وَبَنَیْنَا فَوْقَکُمْ سَبْعًا شِدَادًا
12 - ( سبعا ) سبع سموات ( شدادا ) جمع شديدة ، يعني : محكمة قوية الخلق لا يؤثر فيها مرور الأزمان
وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا
13 - ( وهاجا ) متلألئا وقادا ، يعني : الشمس : وتوهجت النار : إذا تلمظت فتوهجت بضوئها وحرها . المعصرات : السحائب إذا أعصرت ، أي : شارفت أن تعصرها الرياح فتمطر ، كقولك : أجز الزرع ، إذا حان له أن يجز . ومنه : أعصرت الجارية إذا دنت أن تحيض . وقرأ عكرمة : بالمعصرات ، وفيه وجهان : أن تراد الرياح التي حان لها أن تعصر السحاب ، وأن تراد السحائب ، لأنه إذا كان الإنزال منها فهو بها ، كما تقول : أعطي من يده درهما ، وأعطي بيده . وعن مجاهد : المعصرات الرياح ذوات الأعاصير . وعن الحسن وقتادة : هي السموات . وتأويله : أن الماء ينزل من السماء إلي السحاب ، فكأن السموات يعصرن ، أي : يحملن علي العصر ويمكن منه . فإن قلت : فما وجه من قرأ ( من المعصرات ) وفسرها بالرياح ذوات الأعاصير ، والمطر لا ينزل من الرياح ؟ قلت : الرياح هي التي تنشئ السحاب وتدر أخلافه ، فصح أن تجعل مبدأ للإنزال : وقد جاء أن الله تعالي يبعث الرياح فتحمل الماء من السماء إلي السحاب ، فإن صح ذلك فالإنزال منها ظاهر .
وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا
14 - فإن قلت : ذكر ابن كيسان أنه جعل المعصرات بمعني المغيثات ، والعاصر هو المغيث لا المعصر . يقال : عصره فاعتصر . قلت : وجهه أن يريد اللاتي أعصرن ، أي حان لها أن تعصر ، أي : تغيث ( ثجاجا ) منصبا بكثرة . يقال : ثجه وثج نفسه وفي الحديث : " أفضل الحج : العج والثج " أي رفع الصوت بالتلبية ، وصب دماء الهدي . وكان ابن عباس مثجا يسبل غربا ، يعني يثج الكلام ثجا في خطبته . وقرأ الأعرج : ثجاجا . ومثاجج الماء : مصابه ، والماء ينثجج في الوادي
لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا
15 - ( حبا ونباتا ) يريد ما يتقوت من الحنطة والشعير وما يعتلف من التبن والحشيش ، كما قال ( كلوا وارعوا أنعامكم ) ، ( والحب ذوالعصف و الريحان ) .
وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا
16 - ( ألفافا ) ملتفة ولا واحد له ، كالأوزاع والأخياف . وقيل : الواحد لف . وقال صاحب الإقليد : أنشدني الحسن بن علي الطوسي : جنة لف وعيش مغدق وندامي كلهم بيض زهر وزعم ابن قتيبة أنه لفاء ولف ، ثم ألفاف : وما أظنه واجدا له نظيرا من نحو خضر وأخضار وحمر وأحمار ، ولو قيل : هو جمع ملتفة بتقدير حذف الزوائد ، لكان قولها وجيها .
إِنَّ یَوْمَ الْفَصْلِ کَانَ مِیقَاتًا
17 - ( كان ميقاتا ) كان في تقدير الله وحكمه حدا توقت به الدنيا وتنتهي عنده ، أو حدا للخلائق ينتهون إليه
یَوْمَ یُنفَخُ فِی الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا
18 - ( يوم ينفخ ) بدل من يوم الفصل ، أو عطف بيان ( فتأتون أفواجا ) من القبور إلي الموقف أمما كل أمة مع إمامهم . وقيل : جماعات مختلفة . وعن معاذ رضي الله عنه أنه سأل عنه رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال : يا معاذ ، سألت عن أمر عظيم من الأمور ، ثم أرسل عينيه وقال : تحشر عشرة أصناف من أمتي : بعضهم علي صورة القردة ، وبعضهم علي صورة الخنازير ، وبعضهم منكسون : أرجلهم فوق وجوههم يسحبون عليها ، وبعضهم عميا ، وبعضهم صما بكما ، وبعضهم يمضغون ألسنتهم فهي مدلاة علي صدورهم : يسيل القيح من أفواههم يتقذرهم أهل الجمع ، وبعضهم مقطعة أيديهم وأرجلهم ، وبعضهم مصلبون علي جذوع من نار ، وبعضهم أشد نتنا من الجيف ، وبعضهم ملبسون جبابا سابغة من قطران لازقة بجلودهم ، فأما الذين علي صورة القردة فالقتات من الناس . وأما الذين علي صورة الخنازير : فأهل السحت . وأما المنكسون علي وجوههم فأكلة الربا ، وأما العمي فالذين يجورون في الحكم ، وأما الصم البكم فالمعجبون بأعمالهم ، وأما الذين يمضغون ألسنتهم فالعلماء والقصاص الذين خالف قولهم أعمالهم ، وأما الذين قطعت أيديهم وأرجلهم فهم الذين يؤذون الجيران ، وأما المصلبون علي جذوع من نار فالسعاة بالناس إلي السلطان ، وأما الذين هم أشد نتنا من الجيف فالذين يتبعون الشهوات واللذات ومنعوا حق الله في أموالهم ، وأما الذين يلبسون الجباب فأهل الكبر والفخر والخيلاء "
وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَکَانَتْ أَبْوَابًا
19 - وقرئ : وفتحت ، بالتشديد والتخفيف . والمعني : كثرة أبوابها المفتحة لنزول الملائكة ، كأنها ليست إلا أبوابا مفتحة ، كقوله ( وفجرنا الأرض عيونا ) كأن كلها عيون تتفجر . وقيل : الأبواب الطرق والمسالك ، أي . تكشط فينفتح مكانها وتصير طرقا لا يسدها شي ء .
وَسُیِّرَتِ الْجِبَالُ فَکَانَتْ سَرَابًا
20 - ( فكانت سرابا ) كقوله ( فكانت هباء منبثا ) يعني أنها تصير شيئا كلا شي ء ، لتفرق أجزائها وانبثاث جواهرها .
إِنَّ جَهَنَّمَ کَانَتْ مِرْصَادًا
21 - المرصاد : الحد الذي يكون فيه الرصد . والمعني : أن جهنم هي حد الطاغين الذي يرصدون فيه للعذاب وهي مَبهم .
لِّلطَّاغِینَ مَآبًا
22 - أو هي مرصاد لأهل الجنة ترصدهم الملائكة الذين يستقبلونهم عندها ، لأن مجازهم عليها ، وهي مَب للطاغين . وعن الحسن وقتادة نحوه ، قالا : طريقا وممرا لأهل الجنة . وقرأ ابن يعمر : أن جهنم ، بفتح الهمزة علي تعليل قيام الساعة بأن جهنم كانت مرصادا للطاغين ، كأنه قيل : كان ذلك لإقامة الجزاء .
لَّابِثِینَ فِیهَا أَحْقَابًا
23 - قرئ : لابثين ولبثين ، واللبث أقوي ، لأن اللابث من وجد منه اللبث ، ولا يقال " لبث " إلا لمن شأنه اللبث ، كالذي يجثم بالمكان لا يكاد ينفك منه ( أحقابا ) حقبا بعد حقب ، كلما مضي حقب تبعه آخر إلي غير نهاية ، ولا يكاد يستعمل الحقب والحقبة إلا حيث يراد تتابع الأزمنة وتواليها ، والاشتقاق يشهد لذلك . ألا تري إلي حقيبة الراكب ، والحقب الذي وراء التصدير وقيل : الحقب ثمانون سنة ، ويجوز أن يراد : لابثين فيها أحقابا غير ذائقين فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا ، ثم يبدلون بعد الأحقاب غير الحميم والغساق من جنس آخر من العذاب . وفيه وجه آخر : وهو أن يكون من " حقب عامنا " إذا قل مطره وخيره ، وحقب فلان : إذا أخطأه الرزق ، فهو حقب ، وجمعه أحقاب ، فينتصب حالا عنهم ، يعني لابثين فيها حقيبين جحدين .
لَّا یَذُوقُونَ فِیهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا
24 - وقوله ( لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا ) تفسير له والاستثناء منقطع ، يعني : لا يذوقون فيها بردا وروحا ينفس عنهم حر النار، ولا شرابا يسكن من عطشهم ،
إِلَّا حَمِیمًا وَغَسَّاقًا
25 - ولكن يذوقون فيها حميما وغساقا وقيل " البرد " النوم ، وأنشد : فلو شئت حرمت النساء سواكم وإن شئت لم أطعم نقاخا ولا بردا وعن بعض العرب : منع البرد البرد . وقرئ : غساقا ، بالتخفيف والتشديد : وهو ما يغسق ، أي : يسيل من صديدهم
جَزَاءً وِفَاقًا
26 - ( وفاقا ) وصف بالمصدر . أو ذا وفاق . وقرأ أبو حيوة : وفاقا ، فعال من وفقه كذا
إِنَّهُمْ کَانُوا لَا یَرْجُونَ حِسَابًا
27 - ( وفاقا ) وصف بالمصدر . أو ذا وفاق . وقرأ أبو حيوة : وفاقا ، فعال من وفقه كذا
وَکَذَّبُوا بِآیَاتِنَا کِذَّابًا
28 - ( كذابا ) تكذيبا ، وفعال في باب فعل كله فاش في كلام فصحاء من العرب لا يقولون غيره ، وسمعني بعضهم أفسر آية فقال لقد فسرتها فسارا ما سمع بمثله . وقرئ بالتخفيف ، وهو مصدر كذب ، بدليل قوله : فصدقتها وكذبتها والمرء ينفعه كذابه وهو مثل قوله ( أنبتكم من الأرض نباتا ) يعني : وكذبوا بَياتنا فكذبوا كذابا . أو تنصبه بكذبوا ، لأنه يتضمن معني كذبوا ، لأن كل مكذب بالحق كاذب ، وإن جعلته بمعني المكاذبة فمعناه : وكذبوا بَياتنا ، فكاذبوا مكاذبة . أو كذبوا بها مكاذبين ، لأنهم إذا كانوا عند المسلمين كاذبين وكان المسلمون عندهم كاذبين فبينهم مكاذبة ، أو لأنهم يتكلمون بما هو إفراط في الكذب فعل من يغالب في أمر ، فيبلغ فيه أقصي جهده . وقرئ : كذابا ، وهو جمع كاذب ، أي : كذبوا بَياتنا كاذبين ، وقد يكون الكذب بمعني الواحد البليغ في الكذب ، يقال : رجل كذاب ، كقولك ، حسان ، وبخال ، فيجعل صفة لمصدر كذبوا ، أي : تكذيبا كذابا مفرطا كذبه ،
وَکُلَّ شَیْءٍ أَحْصَیْنَاهُ کِتَابًا
29 - وقرأ أبو السمال : وكل شي ء أحصيناه ، بالرفع علي الابتداء ( كتابا ) مصدر في موضع إحصاء وأحصينا في معني كتبنا ، لالتقاء الإحصاء ، والكتية في معني الضبط والتحصيل . أو يكون حالا في معني : مكتوبا في اللوح وفي صحف الحفظة . والمعني : إحصاء معاصيهم ، كقوله : ( أحصاه الله ونسوه ) وهو اعتراض .
فَذُوقُوا فَلَن نَّزِیدَکُمْ إِلَّا عَذَابًا
30 - وقوله ( فذوقوا ) مسبب عن كفرهم بالحساب وتكذيبهم بالَيات ، وهي آية في غاية الشدة ، وناهيك بلن نزيدكم ، وبدلالته علي أن ترك الزيادة كالمحال الذي لا يدخل تحت الصحة . وبمجيئها علي طريقة الالتفات شاهدا علي أن الغضب قد تبالغ ، وعن النبي صلي الله عليه وسلم : " هذه الَية أشد ما في القرآن علي أهل النار " .

صفحه : 582
بزرگتر  کوچکتر  بدون ترجمه  انتخاب  فهرست  جستجو  صفحه بعد  صفحه قبل 
اگر این صفحه عملکرد مناسبی ندارد
از این لینک کمکی استفاده فرمایید .
 
قرآن  عثمان طه با کیفیت بالا صفحه 582
تصویر  انتخاب  فهرست  جستجو  صفحه بعد  صفحه قبل 
اگر این صفحه عملکرد مناسبی ندارد
از این لینک کمکی استفاده فرمایید .
 


1 - ( عم ) أصله عما ، علي أنه حرف جر دخل علي ما الاستفهامية ، وهو في قراءة عكرمة وعيسي بن عمر . قال حسان رضي الله عنه : علي ما قام شتمني لئيم كخنزير تمرغ في رماد والاستعمال الكثير علي الحذف ، والأصل : قليل . ومعني هذا الاستفهام : تفخيم الشأن ، كأنه قال : عن أي شأن يتساءلون . ونحوه ما في قولك : زيد ما زيد ؟ جعلته لانقطاع قرينه وعدم نظيره كأنه شي ء خفي عليك جنسه فأنت تسأل عن جنسه وتفحص عن جوهره ، كما تقول : ما الغول وما العنقاء ؟ تريد : أي شي ء هو من الأشياء هذا أصله ، ثم جرد للعبارة عن التفخيم ، حتي وقع في كلام من لا تخفي عليه خافية ( يتساءلون ) يسأل بعضهم بعضا . أو يتساءلون غيرهم من رسول الله صلي الله عليه وسلم والمؤمنين . نحو : يتداعونهم ويتراءونهم . والضمير لأهل مكة : كانوا يتساءلون فيما بينهم عن البعث ، ويتساءلون غيرهم عنه علي طريق الاستهزاء

2 - ( عن النبإ العظيم ) بيان للشأن المفخم . وعن ابن كثير أنه قرأ : عمه ، بهاء السكت ، ولا يخلو : إما أن يجري الوصل مجري الوقف وإما أن يقف ويبتدئ ( يتساءلون عن النبأ العظيم ) علي أن يضمر ( يتساءلون ) لأن ما بعده يفسره ، كشي ء يبهم ثم يفسر . فإن قلت : قد زعمت أن الضمير في يتساءلون للكفار ، فما تصنع بقوله

3 - ( هم فيه مختلفون ) ؟ قلت : كان فيهم من يقطع القول بإنكار البعث ، ومنهم من يشك . وقيل : الضمير للمسلمين والكافرين جميعا ، وكانوا جميعا يسألون عنه . أما المسلم فليزداد خشية واستعدادا ، وأما الكافر فليزداد استهزاء . وقيل : المتساءل عنه القرآن . وقيل : نبوة محمد صلي الله عليه وسلم . وقرئ : يساءلون بالإدغام ، وستعلمون بالتاء .

4 - ( كلا ) ردع للمتسائلين هزؤا . و ( سيعلمون ) وعيد لهم بأنهم سوف يعلمون أن ما يتساءلون عنه ويضحكون منه حق ، لأنه واقع لا ريب فيه . وتكرير الردع مع الوعيد تشديد في ذلك . ومعني

5 - ( ثم ) الإشعار بأن الوعيد الثاني أبلغ من الأول وأشد .

6 - فإن قلت : كيف اتصل به قوله ( ألم نجعل الأرض مهادا ) قلت : لما أنكروا البعث قيل لهم : ألم يخلق من يضاف إليه البعث هذه الخلائق العجيبة الدالة علي كمال القدرة ، فما وجه إنكار قدرته علي البعث ، وما هو إلا اختراع كهذه الاختراعات . أو قيل لهم : ألم يفعل هذه الأفعال المتكاثرة . والحكيم لا يفعل فعلا عبثا ، وما تنكرونه من البعث والجزاء مؤد إلي أنه عابث في كل ما فعل ( مهادا ) فراشا . وقرئ : مهدا . ومعناه : أنها لهم كالمهد للصبي : وهو ما يمهد له فينوم عليه ، تسمية للممهود بالمصدر ، كضرب الأمير . أو وصفت بالمصدر . أو بمعني : ذات مهد ، أي :

7 - أرسيناها بالجبال كما يرسي البيت بالأوتاد

8 - أرسيناها بالجبال كما يرسي البيت بالأوتاد

9 - ( سباتا ) موتا . والمسبوت : الميت ، من السبت وهو القطع ، لأنه مقطوع عن الحركة . والنوم : أحد التوفيين ، وهو علي بناء الأدواء . ولما جعل النوم موتا ، جعل اليقظة معاشا ، أي : حياة في قوله ( وجعلنا النهار معاشا ) أي : وقت معاش تستيقظون فيه وتتقلبون في حوائجكم ومكاسبكم . وقيل : السبات الراحة

10 - ( لباسا ) يستركم عن العيون إذا أردتم هربا من عدو ، أو بياتا له . أو إخفاء مالا تحبون الاطلاع عليه من كثير من الأمور . وكم لظلام الليل عندك من يد تخبر أن المانوية تكذب

11 - ( لباسا ) يستركم عن العيون إذا أردتم هربا من عدو ، أو بياتا له . أو إخفاء مالا تحبون الاطلاع عليه من كثير من الأمور . وكم لظلام الليل عندك من يد تخبر أن المانوية تكذب

12 - ( سبعا ) سبع سموات ( شدادا ) جمع شديدة ، يعني : محكمة قوية الخلق لا يؤثر فيها مرور الأزمان

13 - ( وهاجا ) متلألئا وقادا ، يعني : الشمس : وتوهجت النار : إذا تلمظت فتوهجت بضوئها وحرها . المعصرات : السحائب إذا أعصرت ، أي : شارفت أن تعصرها الرياح فتمطر ، كقولك : أجز الزرع ، إذا حان له أن يجز . ومنه : أعصرت الجارية إذا دنت أن تحيض . وقرأ عكرمة : بالمعصرات ، وفيه وجهان : أن تراد الرياح التي حان لها أن تعصر السحاب ، وأن تراد السحائب ، لأنه إذا كان الإنزال منها فهو بها ، كما تقول : أعطي من يده درهما ، وأعطي بيده . وعن مجاهد : المعصرات الرياح ذوات الأعاصير . وعن الحسن وقتادة : هي السموات . وتأويله : أن الماء ينزل من السماء إلي السحاب ، فكأن السموات يعصرن ، أي : يحملن علي العصر ويمكن منه . فإن قلت : فما وجه من قرأ ( من المعصرات ) وفسرها بالرياح ذوات الأعاصير ، والمطر لا ينزل من الرياح ؟ قلت : الرياح هي التي تنشئ السحاب وتدر أخلافه ، فصح أن تجعل مبدأ للإنزال : وقد جاء أن الله تعالي يبعث الرياح فتحمل الماء من السماء إلي السحاب ، فإن صح ذلك فالإنزال منها ظاهر .

14 - فإن قلت : ذكر ابن كيسان أنه جعل المعصرات بمعني المغيثات ، والعاصر هو المغيث لا المعصر . يقال : عصره فاعتصر . قلت : وجهه أن يريد اللاتي أعصرن ، أي حان لها أن تعصر ، أي : تغيث ( ثجاجا ) منصبا بكثرة . يقال : ثجه وثج نفسه وفي الحديث : " أفضل الحج : العج والثج " أي رفع الصوت بالتلبية ، وصب دماء الهدي . وكان ابن عباس مثجا يسبل غربا ، يعني يثج الكلام ثجا في خطبته . وقرأ الأعرج : ثجاجا . ومثاجج الماء : مصابه ، والماء ينثجج في الوادي

15 - ( حبا ونباتا ) يريد ما يتقوت من الحنطة والشعير وما يعتلف من التبن والحشيش ، كما قال ( كلوا وارعوا أنعامكم ) ، ( والحب ذوالعصف و الريحان ) .

16 - ( ألفافا ) ملتفة ولا واحد له ، كالأوزاع والأخياف . وقيل : الواحد لف . وقال صاحب الإقليد : أنشدني الحسن بن علي الطوسي : جنة لف وعيش مغدق وندامي كلهم بيض زهر وزعم ابن قتيبة أنه لفاء ولف ، ثم ألفاف : وما أظنه واجدا له نظيرا من نحو خضر وأخضار وحمر وأحمار ، ولو قيل : هو جمع ملتفة بتقدير حذف الزوائد ، لكان قولها وجيها .

17 - ( كان ميقاتا ) كان في تقدير الله وحكمه حدا توقت به الدنيا وتنتهي عنده ، أو حدا للخلائق ينتهون إليه

18 - ( يوم ينفخ ) بدل من يوم الفصل ، أو عطف بيان ( فتأتون أفواجا ) من القبور إلي الموقف أمما كل أمة مع إمامهم . وقيل : جماعات مختلفة . وعن معاذ رضي الله عنه أنه سأل عنه رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال : يا معاذ ، سألت عن أمر عظيم من الأمور ، ثم أرسل عينيه وقال : تحشر عشرة أصناف من أمتي : بعضهم علي صورة القردة ، وبعضهم علي صورة الخنازير ، وبعضهم منكسون : أرجلهم فوق وجوههم يسحبون عليها ، وبعضهم عميا ، وبعضهم صما بكما ، وبعضهم يمضغون ألسنتهم فهي مدلاة علي صدورهم : يسيل القيح من أفواههم يتقذرهم أهل الجمع ، وبعضهم مقطعة أيديهم وأرجلهم ، وبعضهم مصلبون علي جذوع من نار ، وبعضهم أشد نتنا من الجيف ، وبعضهم ملبسون جبابا سابغة من قطران لازقة بجلودهم ، فأما الذين علي صورة القردة فالقتات من الناس . وأما الذين علي صورة الخنازير : فأهل السحت . وأما المنكسون علي وجوههم فأكلة الربا ، وأما العمي فالذين يجورون في الحكم ، وأما الصم البكم فالمعجبون بأعمالهم ، وأما الذين يمضغون ألسنتهم فالعلماء والقصاص الذين خالف قولهم أعمالهم ، وأما الذين قطعت أيديهم وأرجلهم فهم الذين يؤذون الجيران ، وأما المصلبون علي جذوع من نار فالسعاة بالناس إلي السلطان ، وأما الذين هم أشد نتنا من الجيف فالذين يتبعون الشهوات واللذات ومنعوا حق الله في أموالهم ، وأما الذين يلبسون الجباب فأهل الكبر والفخر والخيلاء "

19 - وقرئ : وفتحت ، بالتشديد والتخفيف . والمعني : كثرة أبوابها المفتحة لنزول الملائكة ، كأنها ليست إلا أبوابا مفتحة ، كقوله ( وفجرنا الأرض عيونا ) كأن كلها عيون تتفجر . وقيل : الأبواب الطرق والمسالك ، أي . تكشط فينفتح مكانها وتصير طرقا لا يسدها شي ء .

20 - ( فكانت سرابا ) كقوله ( فكانت هباء منبثا ) يعني أنها تصير شيئا كلا شي ء ، لتفرق أجزائها وانبثاث جواهرها .

21 - المرصاد : الحد الذي يكون فيه الرصد . والمعني : أن جهنم هي حد الطاغين الذي يرصدون فيه للعذاب وهي مَبهم .

22 - أو هي مرصاد لأهل الجنة ترصدهم الملائكة الذين يستقبلونهم عندها ، لأن مجازهم عليها ، وهي مَب للطاغين . وعن الحسن وقتادة نحوه ، قالا : طريقا وممرا لأهل الجنة . وقرأ ابن يعمر : أن جهنم ، بفتح الهمزة علي تعليل قيام الساعة بأن جهنم كانت مرصادا للطاغين ، كأنه قيل : كان ذلك لإقامة الجزاء .

23 - قرئ : لابثين ولبثين ، واللبث أقوي ، لأن اللابث من وجد منه اللبث ، ولا يقال " لبث " إلا لمن شأنه اللبث ، كالذي يجثم بالمكان لا يكاد ينفك منه ( أحقابا ) حقبا بعد حقب ، كلما مضي حقب تبعه آخر إلي غير نهاية ، ولا يكاد يستعمل الحقب والحقبة إلا حيث يراد تتابع الأزمنة وتواليها ، والاشتقاق يشهد لذلك . ألا تري إلي حقيبة الراكب ، والحقب الذي وراء التصدير وقيل : الحقب ثمانون سنة ، ويجوز أن يراد : لابثين فيها أحقابا غير ذائقين فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا ، ثم يبدلون بعد الأحقاب غير الحميم والغساق من جنس آخر من العذاب . وفيه وجه آخر : وهو أن يكون من " حقب عامنا " إذا قل مطره وخيره ، وحقب فلان : إذا أخطأه الرزق ، فهو حقب ، وجمعه أحقاب ، فينتصب حالا عنهم ، يعني لابثين فيها حقيبين جحدين .

24 - وقوله ( لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا ) تفسير له والاستثناء منقطع ، يعني : لا يذوقون فيها بردا وروحا ينفس عنهم حر النار، ولا شرابا يسكن من عطشهم ،

25 - ولكن يذوقون فيها حميما وغساقا وقيل " البرد " النوم ، وأنشد : فلو شئت حرمت النساء سواكم وإن شئت لم أطعم نقاخا ولا بردا وعن بعض العرب : منع البرد البرد . وقرئ : غساقا ، بالتخفيف والتشديد : وهو ما يغسق ، أي : يسيل من صديدهم

26 - ( وفاقا ) وصف بالمصدر . أو ذا وفاق . وقرأ أبو حيوة : وفاقا ، فعال من وفقه كذا

27 - ( وفاقا ) وصف بالمصدر . أو ذا وفاق . وقرأ أبو حيوة : وفاقا ، فعال من وفقه كذا

28 - ( كذابا ) تكذيبا ، وفعال في باب فعل كله فاش في كلام فصحاء من العرب لا يقولون غيره ، وسمعني بعضهم أفسر آية فقال لقد فسرتها فسارا ما سمع بمثله . وقرئ بالتخفيف ، وهو مصدر كذب ، بدليل قوله : فصدقتها وكذبتها والمرء ينفعه كذابه وهو مثل قوله ( أنبتكم من الأرض نباتا ) يعني : وكذبوا بَياتنا فكذبوا كذابا . أو تنصبه بكذبوا ، لأنه يتضمن معني كذبوا ، لأن كل مكذب بالحق كاذب ، وإن جعلته بمعني المكاذبة فمعناه : وكذبوا بَياتنا ، فكاذبوا مكاذبة . أو كذبوا بها مكاذبين ، لأنهم إذا كانوا عند المسلمين كاذبين وكان المسلمون عندهم كاذبين فبينهم مكاذبة ، أو لأنهم يتكلمون بما هو إفراط في الكذب فعل من يغالب في أمر ، فيبلغ فيه أقصي جهده . وقرئ : كذابا ، وهو جمع كاذب ، أي : كذبوا بَياتنا كاذبين ، وقد يكون الكذب بمعني الواحد البليغ في الكذب ، يقال : رجل كذاب ، كقولك ، حسان ، وبخال ، فيجعل صفة لمصدر كذبوا ، أي : تكذيبا كذابا مفرطا كذبه ،

29 - وقرأ أبو السمال : وكل شي ء أحصيناه ، بالرفع علي الابتداء ( كتابا ) مصدر في موضع إحصاء وأحصينا في معني كتبنا ، لالتقاء الإحصاء ، والكتية في معني الضبط والتحصيل . أو يكون حالا في معني : مكتوبا في اللوح وفي صحف الحفظة . والمعني : إحصاء معاصيهم ، كقوله : ( أحصاه الله ونسوه ) وهو اعتراض .

30 - وقوله ( فذوقوا ) مسبب عن كفرهم بالحساب وتكذيبهم بالَيات ، وهي آية في غاية الشدة ، وناهيك بلن نزيدكم ، وبدلالته علي أن ترك الزيادة كالمحال الذي لا يدخل تحت الصحة . وبمجيئها علي طريقة الالتفات شاهدا علي أن الغضب قد تبالغ ، وعن النبي صلي الله عليه وسلم : " هذه الَية أشد ما في القرآن علي أهل النار " .

مشخصات :
قرآن تبيان- جزء 30 - حزب 59 - سوره نبأ - صفحه 582
قرائت ترتیل سعد الغامدی-آيه اي-باکیفیت(MP3)
بصورت فونتی ، رسم الخط quran-simple-enhanced ، فونت قرآن طه
با اندازه فونت 25px
بصورت تصویری ، قرآن عثمان طه با کیفیت بالا

مشخصات ترجمه یا تفسیر :
تفسیر کشاف

انتخاب  فهرست  جستجو  صفحه بعد  صفحه قبل 
اگر این صفحه عملکرد مناسبی ندارد
از این لینک کمکی استفاده فرمایید .
 
خدمات تلفن همراه
مراجعه: 90,164,345