الثَّانیَة عَشر: «مُناجات العارفین»
دوازدهم: مناجات عارفان
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
اِلهي قَصُرَتِ الْأَلْسُنُ عَنْ بُلُوغِ ثَنآئِكَ كَما يَليقُ بِجَلالِكَ
وَعَجَزَتِ
الْعُقُولُ عَنْ اِدْراكِ كُنْهِ جَمالِكَ
وَانْحَسَرَتِ الْأَبْصارُدُونَ النَّظَرِ اِلي
سُبُحاتِ وَجْهِكَ
وَلَمْ تَجْعَلْ لِلْخَلْقِ طَريقاً اِلي مَعْرِفَتِكَ اِلاَّ بِالْعَجْزِ
عَنْ مَعْرِفَتِكَ
اِلهي فَاجْعَلْنا مِنَ الَّذينَ تَرَسَّخَتْ اَشْجارُ الشَّوْقِ
اِلَيْكَ في حَدآئِقِ صُدُورِهِمْ
وَاَخَذَتْ لَوْعَةُ مَحَبَّتِكَ بِمَجامِعِ قُلُوبِهِمْ
فَهُمْ اِلي اَوْكارِ الْأَفْكارِ يَاْوُونَ
وَفي رِياضِ الْقُرْبِ وَالْمُكاشَفَةِ
يَرْتَعُونَ
وَمِنْ حِياضِ الْمَحَبَّةِ بِكَاْسِ الْمُلاطَفَةِ يَكْرَعُونَ
وَشَرايِعَ
الْمُصافاتِ يَرِدُونَ
قَدْ كُشِفَ الْغِطآءُ عَنْ اَبْصارِهِمْ
وَانْجَلَتْ ظُلْمَةُ
الرَّيْبِ عَنْ عَقآئِدِهِمْ وَضَمآئِرِهِمْ
وَانْتَفَتْ مُخالَجَةُ الشَّكِّ عَنْ
قُلُوبِهِمْ وَسَرآئِرِهِمْ
وَانْشَرَحَتْ بِتَحْقيقِ الْمَعْرِفَةِ صُدُورُهُمْ
وَعَلَتْ
لِسَبْقِ السَّعادَةِ فِي الزَّهادَةِ هِمَمُهُمْ
وَعَذُبَ في مَعينِ الْمُعامَلَةِ
شِرْبُهُمْ
وَطابَ في مَجْلِسِ الْأُنْسِ سِرُّهُمْ
وَاَمِنَ في مَوْطِنِ الْمَخافَةِ
سِرْبُهُمْ
وَاطْمَاَنَّتْ بِالرُّجُوعِ اِلي رَبِّ الْأَرْبابِ اَنْفُسُهُمْ
وَتَيَقَّنَتْ
بِالْفَوْزِ وَالْفَلاحِ اَرْواحُهُمْ
وَقَرَّتْ بِالنَّظَرِ اِلي مَحْبُوبِهِمْ اَعْيُنُهُمْ
وَاسْتَقَرَّ بِاِدْراكِ السُّؤْلِ وَنَيْلِ الْمَأْمُولِ قَرارُهُمْ
وَرَبِحَتْ في بَيْعِ
الدُّنْيا بِالْاخِرَةِ تِجارَتُهُمْ
اِلهي ما اَلَذَّ خَواطِرَ الْإِلْهامِ بِذِكْرِكَ عَلَي
الْقُلُوبِ
وَما اَحْلَي الْمَسيرَ اِلَيْكَ بِالْأَوْهامِ في مَسالِكِ الْغُيُوبِ
وَما
اَطْيَبَ طَعْمَ حُبِّكَ
وَما اَعْذَبَ شِرْبَ قُرْبِكَ
فَاَعِذْنا مِنْ طَرْدِكَ وَاِبْعادِكَ
وَاجْعَلْنا
مِنْ اَخَصِّ عارِفيكَ
وَاَصْلَحِ عِبادِكَ
وَاَصْدَقِ طآئِعيكَ
وَاَخْلَصِ عُبَّادِكَ
يا عَظيمُ يا جَليلُ
يا كَريمُ يا مُنيلُ
بِرَحْمَتِكَ وَمَنِّكَ يا اَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.