خدمات تلفن همراه

قرآن تبيان- جزء 27 - حزب 53 - سوره ذاریات - صفحه 522


قَالَ فَمَا خَطْبُکُمْ أَیُّهَا الْمُرْسَلُونَ
31 - ( مناع للخير ) كثير المنع للمال عن حقوقه ، جعل ذلك عادة له لا يبذل منه شيئا قط . أو مناع لجنس الخير أن يصل إلي أهله يحول بينه وبينهم . قيل : نزلت في الوليد بن المغيرة ، كان يمنع بني أخيه من الإسلام ، وكان يقول : من دخل منكم فيه لم أنفعه بخير ما عشت ( معتد ) ظالم متخط للحق ( مريب ) شاك في الله وفي دينه
قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِینَ
32 - ( الذي جعل ) مبتدأ مضمن معني الشرطي ، ولذلك أجيب بالفاء . ويجوز أن يكون ( الذي جعل ) منصوبا بدلا من ( كل كفار ) ويكون ( فألقياه ) تكريرا للتوكيد .
لِنُرْسِلَ عَلَیْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِینٍ
33 - فإن قلت : لم أخليت هذه الجملة عن الواو وأدخلت علي الأولي ؟ قلت : لأنها استؤنفت كما تستأنف الجمل الواقعة في حكاية التقاول كما رأيت في حكاية المقاولة بين موسي وفرعون : فإن قلت ، فأين التقاول ههنا ؟ قلت : لما قال قرينه ( هذا مالدي عتيد ) وتبعه قوله ( قال قرينه ربنا ما أطغيته ) وتلاه ( لا تختصموا لدي ) : علم أن ثم مقاولة من الكافر ، لكنها طرحت لما يدل عليها ، كأنه قال : رب هو أطغاني ، فقال قرينه : ربنا ما أطغيته . وأما الجملة الأولي فواجب عطفها للدلالة علي الجمع بين معناها ومعني ما قبلها في الحصول ، أعني مجي ء كل نفس مع الملكين : وقول قرينه ما قال له ( ما أطغيته ) ما جعلته طاغيا ، وما أوقعته في الطغيان ، ولكنه طغي واختار الضلالة علي الهدي كقوله تعالي : ( وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي ) .
مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّکَ لِلْمُسْرِفِینَ
34 - ( قال لا تختصموا ) استئناف مثل قوله ( قال قرينه ) كأن قائلا قال : فماذا قال الله ؟ فقيل : قال لا تختصموا . والمعني : لا تختصموا في دار الجزاء وموقف الحساب ، فلا فائدة في اختصامكم ولا طائل تحته ، وقد أوعدتكم بعذابي علي الطغيان في كتبي وعلي ألسنة رسلي ، فما تركت لكم حجة علي ،
فَأَخْرَجْنَا مَن کَانَ فِیهَا مِنَ الْمُؤْمِنِینَ
35 - ثم قال : لا تطمعوا أن أبدل قولي ووعيدي فأعفيكم عما أوعدتكم به ( وما أنا بظلام للعبيد ) فأعذب من ليس بمستوجب للعذاب . والباء في ( بالوعيد ) مزيدة مثلها في ( ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة ) أو معدية ، علي أن " قدم " مطاوع بمعني " تقدم " ويجوز أن يقع الفعل علي جملة قوله ( ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد ) ويكون ( بالوعيد ) حالا ، أي : قدمت إليكم هذا ملتبسا بالوعيد مقترنا به . أو قدمته إليكم موعدا لكم به . فإن قلت : إن قوله ( وقد قدمت إليكم ) واقع موقع الحال من ( لا تختصموا ) والتقديم بالوعيد في الدنيا والخصومة في الَخرة واجتماعها في زمان واحد واجب . قلت : معناه ولا تختصموا وقد صح عندكم أني قدمت إليكم بالوعيد ، وصحة ذلك عندهم في الَخرة . فإن قلت : كيف قال ( بظلام ) علي لفظ المبالغة ؟ قلت : فيه وجهان ، أحدهما : أن يكون من قولك : هو ظالم لعبده ، وظلام لعبيده . والثاني : أن يراد لو عذبت من لا يستحق العذاب لكنت ظلاما مفرط الظلم ، فنفي ذلك .
فَمَا وَجَدْنَا فِیهَا غَیْرَ بَیْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِینَ
36 - قرئ : نقول ، بالنون والياء . وعن سعيد بن جبير : يوم يقوم الله لجهنم . وعن ابن مسعود والحسن : يقال . وانتصاب اليوم بظلام أو بمضمر ، نحو : أذكر وأنذر . ويجوز أن ينتصب بنفخ ، كأنه قيل . ونفخ في الصور يوم نقول لجهنم . وعلي هذا يشار بذلك إلي يوم نقول ، ولا يقدر حذف المضاف . وسؤال جهنم وجوابها من باب التخييل الذي يقصد به تصوير المعني في القلب وتثبيته ، وفيه معنيان ، أحدهما : أنها تمتلي ء مع اتساعها وتباعد أطرافها حتي لا يسعها شي ء ولا يزاد علي امتلائها ، لقوله تعالي ( لأملأن جهنم ) والثاني : أنها من السعة بحيث يدخلها من يدخلها وفيها موضع للمزيد . ويجوز أن يكون ( هل من مزيد ) استكثارا للداخلين فيها واستبداعا للزيادة عليهم لفرط كثرتهم . أو طلبا للزيادة غيظا علي العصاة . والمزيد : إما مصدر كالمحيد والمميد ، وإما اسم مفعول كالمبيع .
وَتَرَکْنَا فِیهَا آیَةً لِّلَّذِینَ یَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِیمَ
37 - ( غير بعيد ) نصب علي الظرف ، أي : مكانا غير بعيد . أو علي الحال ، وتذكيره لأنه علي زنة المصدر ، كالزثير والصليل : والمصادر يستوي في الوصف بها المذكر والمؤنث . أو علي حذف الموصوف ، أي : شيئا غير بعيد ، ومعناه التوكيد ، كما تقول : هو قريب غير بعيد ، وعزيز غير ذليل .
وَفِی مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُّبِینٍ
38 - وقرئ : توعدون بالتاء والياء ، وهي جملة اعتراضية . و ( لكل أواب ) بدل من قوله للمتقين ، بتكرير الجار كقوله تعالي ( للذين استضعفوا لمن آمن منهم )، وهذا إشارة إلي الثواب . أو إلي مصدر أزلفت . والأواب : الرجاع إلي ذكر الله تعالي ، والحفيظ : الحافظ لحدوده تعالي .
فَتَوَلَّى بِرُکْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ
39 - ( ومن خشي ) بدل بعد بدل تابع لكل . ويجوز أن يكون بدلا عن موصوف أواب وحفيظ ، ولا يجوز أن يكون في حكم أواب وحفيظ ، لأن من لا يوصف به ولا يوصف من بين الموصولات إلا بالذي وحده . ويجوز أن يكون مبتدأ خبره : يقال لهم ادخلوها بسلام ، لأن ( من ) في معني الجمع . ويجوز أن يكون منادي كقولهم : من لا يزال محسنا أحسن إلي ، وحذف حرف النداء للتقريب ( بالغيب ) حال من المفعول ، أي : خشية وهو غائب لم يعرفه ، وكونه معاقبا إلا بطريق الاستدلال . أو صفة لمصدر خشي ، أي خشيه خشية ملتبسة بالغيب ، حيت خشي عقابه وهو غائب ، أو خشية بسبب الغيب الذي أوعده به من عذابه . وقيل : في الخلوة حيث لا يراه أحد . فإن قلت : كيف قرن بالخشية اسمه الدال علي سعة الرحمة ؟ قلت : للثناء البليغ علي الخاشي وهو خشيته ، مع علمه أنه الواسع الرحمة ، كما أثني عليه بأنه خاش ، مع أن المخشي منه غائب ، ونحوه ( والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة ) فوصفهم بالوجل مع كثرة الطاعات ، وصف القلب بالإنابة وهي الرجوع إلي الله تعالي ، لأن الاعتبار بما ثبت منها في القلب .
فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِی الْیَمِّ وَهُوَ مُلِیمٌ
40 - يقال لهم ( ادخلوها بسلام ) أي سالمين من العذاب وزوال النعم . أو مسلما عليكم يسلم عليكم الله وملائكته ( ذلك يوم الخلود ) أي يوم تقدير الخلود ، كقوله تعالي ( فادخلوها خالدين ) أي مقدرين الخلود
وَفِی عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَیْهِمُ الرِّیحَ الْعَقِیمَ
41 - ( ولدينا مزيد ) هو ما لم يخطر ببالهم ولم تبلغه أمانيهم ، حتي يشاؤه . وقيل : إن السحاب تمر بأهل الجنة فتمطرهم الحور ، فتقول : نحن المزيد الذي قال الله عز وجل : ( ولدينا مزيد ) .
مَا تَذَرُ مِن شَیْءٍ أَتَتْ عَلَیْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ کَالرَّمِیمِ
42 - ( فنقبوا ) وقرئ بالتخفيف : فخرقوا في البلاد ودوخوا . والتنقيب : التنقير عن الأمر والبحث والطلب . قال الحرث بن حلزة : نقبوا في البلاد من حذر المو ت وجالوا في الأرض كل مجال ودخلت الفاء للتسبيب عن قوله ( هم أشد منهم بطشا ) أي : شدة بطشهم أبطرتهم وأقدرتهم علي التنقيب وقوتهم عليه . ويجوز أن يراد : فنقب أهل مكة في أسفارهم ومسايرهم في بلاد القرون ، فهل رأوا لهم محيصا حتي يؤملوا مثله لأنفسهم ، والدليل علي صحته قراءة من قرأ ( فنقبوا ) علي الأمر ، كقوله تعالي ( فسيحوا في الأرض ) وقرئ بكسر القاف مخففة من النقب وهو أن يتنقب خف البعير . قال : * ما مسها من نقب ولا دبر * والمعني : فنقبت أخفاف إبلهم . أو : حفيت أقدامهم ونقبت ، كما تنقب أخفاف الإبل لكثرة طوفهم في البلاد ( هل من محيص ) من الله ، أو من الموت .
وَفِی ثَمُودَ إِذْ قِیلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِینٍ
43 - ( لمن كان له قلب ) أي قلب واع ، لأن من لا يعي قلبه فكأنه لا قلب له . وإلقاء السمع : الإصغاء ( وهو شهيد ) أي حاضر بفطنته ، لأن من لا يحضر ذهنه فكأنه غائب ، وقد ملح الإمام عبد القاهر في قوله لبعض من يأخذ عنه : ما شئت من زهزهة والفتي بمصقلا باذ لسقي الزروع أو : وهو مؤمن شاهد علي صحته وأنه وحي من الله ، أو وهو بعض الشهداء في قوله تعالي ( لتكونوا شهداء علي الناس ) وعن قتادة وهو شاهد علي صدقه من أهل الكتاب لوجود نعته عنده وقرأ السدي وجماعة : ألقي السمع ، علي البناء للمفعول . ومعناه : لمن ألقي غيره السمع وفتح له أذنه فحسب ولم يحضر ذهنه وهو حاضر الذهن متفطن . وقيل : ألقي سمعه أو السمع منه .
فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ یَنظُرُونَ
44 - اللغوب : الإعياء : وقرئ بالفتح بزنة القبول والولوع . قيل : نزلت في اليهود لعنت تكذيبا لقولهم : خلق الله السموات والأرض في ستة أيام أولها الأحد وآخرها الجمعة ، واستراح يوم السبت واستلقي علي العرش . وقالوا : إن الذي وقع من التشبيه في هذه الأمة إنما وقع من اليهود ومنهم أخذ .
فَمَا اسْتَطَاعُوا مِن قِیَامٍ وَمَا کَانُوا مُنتَصِرِینَ
45 - ( فاصبر علي ما يقولون ) أي اليهود ويأتون به من الكفر والتشبيه . وقيل : فاصبر علي ما يقول المشركون من إنكارهم البعث ، فإن من قدر علي خلق العالم قدر علي بعثهم والانتقام منهم . وقيل : هي منسوخة بَية السيف . وقيل : الصبر مأمور به في كل حال ( بحمد ربك ) حامدا ربك ، والتسبيح محمول علي ظاهره أو علي الصلاة، فالصلاة ( قبل طلوع الشمس ) الفجر ( وقبل الغروب ) الظهر والعصر.
وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ کَانُوا قَوْمًا فَاسِقِینَ
46 - ( ومن الليل ) العشاآن . وقيل التهجد ( وأدبار السجود ) التسبيح في آثار الصلوات ، والسجود والركوع يعبر بهما عن الصلاة . وقيل النوافل بعد المكتوبات . وعن علي رضي الله عنه : الركعتان بعد المغرب . وروي عن النبي صلي الله عليه وسلم " من صلي بعد المغرب قبل أن يتكلم كتبت صلاته في عليين " وعن ابن عباس رضي الله عنهما : الوتر بعد العشاء . والأدبار : جمع دبر . وقرئ : وأدبار ، من أدبرت الصلاة إذا انقضت وتمت . ومعناه : ووقت انقضاء السجود ، كقولهم : آتيك خفوق النجم
وَالسَّمَاءَ بَنَیْنَاهَا بِأَیْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ
47 - ( واستمع ) يعني واستمع لما أخبرك به من حال يوم القيامة . وفي ذلك تهويل وتعظيم لشأن المخبر به والمحدث عنه ، كما يروي عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال سبعة أيام لمعاذ بن جبل : " يا معاذ اسمع ما أقول لك " ، ثم حدثه بعد ذلك . فإن قلت : بم انتصب اليوم ؟ قلت : بما دل عليه ( ذلك يوم الخروج ) أي : يوم ينادي المنادي يخرجون من القبور . ويوم يسمعون : بدل من ( يوم ينادي ) و ( المنادي ) إسرافيل ينفخ في الصور وينادي : أيتها العظام البالية والأوصال المنقطعة واللحوم المتمزقة والشعور المتفرقة إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء . وقيل : إسرافيل ينفخ وجبريل ينادي بالحشر ( من مكان قريب ) من صخرة بيت المقدس ، وهي أقرب الأرض من السماء باثني عشر ميلا ، وهي وسط الأرض ، وقيل : من تحت أقدامهم . وقيل : من منابت شعورهم يسمع من كل شعرة : أيتها العظام البالية .
وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ
48 - و ( الصيحة ) النفخة الثانية ( بالحق ) متعلق بالصيحة ، والمراد به البعث والحشر للجزاء .
وَمِن کُلِّ شَیْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَیْنِ لَعَلَّکُمْ تَذَکَّرُونَ
49 - و ( الصيحة ) النفخة الثانية ( بالحق ) متعلق بالصيحة ، والمراد به البعث والحشر للجزاء .
فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّی لَکُم مِّنْهُ نَذِیرٌ مُّبِینٌ
50 - وقرئ : تشقق ، وتشقق بإدغام التاء في الشين ، وتشقق علي البناء للمفعول ، وتنشق ( سراعا ) حال من المجرور ( علينا يسير ) تقديم الظرف يدل علي الاختصاص ، يعني : لا يتيسر مثل ذلك الأمر العظيم إلا علي القادر الذات الذي لا يشغله شأن عن شأن ، كما قال تعالي ( ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة ) .
وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّی لَکُم مِّنْهُ نَذِیرٌ مُّبِینٌ
51 - ( نحن أعلم بما يقولون ) تهديد لهم وتسلية لرسول الله صلي الله عليه وسلم ( بجبار ) كقوله تعالي ( بمسيطر ) حتي تقسرهم علي الإيمان ، إنما أنت داع وباعث . وقيل : أريد التحلم عنهم وترك الغلظة عليهم . ويجوز أن يكون من جبره علي الأمر بمعني أجبره عليه ، أي : ما أنت بوال عليهم تجبرهم علي الإيمان . وعلي بمنزلته في قولك : هو عليهم ، إذا كان واليهم ومالك أمرهم ( من يخاف وعيد ) كقوله تعالي ( إنما أنت منذر من يخشاها ) لأنه لا ينفع إلا فيه دون المصر علي الكفر . عن رسول الله صلي الله تعالي عليه وسلم : " من قرأ سورة ق هون الله عليه تارات الموت و سكراته " .

صفحه : 522
بزرگتر  کوچکتر  بدون ترجمه  انتخاب  فهرست  جستجو  صفحه بعد  صفحه قبل 
اگر این صفحه عملکرد مناسبی ندارد
از این لینک کمکی استفاده فرمایید .
 
قرآن  عثمان طه با کیفیت بالا صفحه 522
تصویر  انتخاب  فهرست  جستجو  صفحه بعد  صفحه قبل 
اگر این صفحه عملکرد مناسبی ندارد
از این لینک کمکی استفاده فرمایید .
 

31 - ( مناع للخير ) كثير المنع للمال عن حقوقه ، جعل ذلك عادة له لا يبذل منه شيئا قط . أو مناع لجنس الخير أن يصل إلي أهله يحول بينه وبينهم . قيل : نزلت في الوليد بن المغيرة ، كان يمنع بني أخيه من الإسلام ، وكان يقول : من دخل منكم فيه لم أنفعه بخير ما عشت ( معتد ) ظالم متخط للحق ( مريب ) شاك في الله وفي دينه

32 - ( الذي جعل ) مبتدأ مضمن معني الشرطي ، ولذلك أجيب بالفاء . ويجوز أن يكون ( الذي جعل ) منصوبا بدلا من ( كل كفار ) ويكون ( فألقياه ) تكريرا للتوكيد .

33 - فإن قلت : لم أخليت هذه الجملة عن الواو وأدخلت علي الأولي ؟ قلت : لأنها استؤنفت كما تستأنف الجمل الواقعة في حكاية التقاول كما رأيت في حكاية المقاولة بين موسي وفرعون : فإن قلت ، فأين التقاول ههنا ؟ قلت : لما قال قرينه ( هذا مالدي عتيد ) وتبعه قوله ( قال قرينه ربنا ما أطغيته ) وتلاه ( لا تختصموا لدي ) : علم أن ثم مقاولة من الكافر ، لكنها طرحت لما يدل عليها ، كأنه قال : رب هو أطغاني ، فقال قرينه : ربنا ما أطغيته . وأما الجملة الأولي فواجب عطفها للدلالة علي الجمع بين معناها ومعني ما قبلها في الحصول ، أعني مجي ء كل نفس مع الملكين : وقول قرينه ما قال له ( ما أطغيته ) ما جعلته طاغيا ، وما أوقعته في الطغيان ، ولكنه طغي واختار الضلالة علي الهدي كقوله تعالي : ( وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي ) .

34 - ( قال لا تختصموا ) استئناف مثل قوله ( قال قرينه ) كأن قائلا قال : فماذا قال الله ؟ فقيل : قال لا تختصموا . والمعني : لا تختصموا في دار الجزاء وموقف الحساب ، فلا فائدة في اختصامكم ولا طائل تحته ، وقد أوعدتكم بعذابي علي الطغيان في كتبي وعلي ألسنة رسلي ، فما تركت لكم حجة علي ،

35 - ثم قال : لا تطمعوا أن أبدل قولي ووعيدي فأعفيكم عما أوعدتكم به ( وما أنا بظلام للعبيد ) فأعذب من ليس بمستوجب للعذاب . والباء في ( بالوعيد ) مزيدة مثلها في ( ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة ) أو معدية ، علي أن " قدم " مطاوع بمعني " تقدم " ويجوز أن يقع الفعل علي جملة قوله ( ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد ) ويكون ( بالوعيد ) حالا ، أي : قدمت إليكم هذا ملتبسا بالوعيد مقترنا به . أو قدمته إليكم موعدا لكم به . فإن قلت : إن قوله ( وقد قدمت إليكم ) واقع موقع الحال من ( لا تختصموا ) والتقديم بالوعيد في الدنيا والخصومة في الَخرة واجتماعها في زمان واحد واجب . قلت : معناه ولا تختصموا وقد صح عندكم أني قدمت إليكم بالوعيد ، وصحة ذلك عندهم في الَخرة . فإن قلت : كيف قال ( بظلام ) علي لفظ المبالغة ؟ قلت : فيه وجهان ، أحدهما : أن يكون من قولك : هو ظالم لعبده ، وظلام لعبيده . والثاني : أن يراد لو عذبت من لا يستحق العذاب لكنت ظلاما مفرط الظلم ، فنفي ذلك .

36 - قرئ : نقول ، بالنون والياء . وعن سعيد بن جبير : يوم يقوم الله لجهنم . وعن ابن مسعود والحسن : يقال . وانتصاب اليوم بظلام أو بمضمر ، نحو : أذكر وأنذر . ويجوز أن ينتصب بنفخ ، كأنه قيل . ونفخ في الصور يوم نقول لجهنم . وعلي هذا يشار بذلك إلي يوم نقول ، ولا يقدر حذف المضاف . وسؤال جهنم وجوابها من باب التخييل الذي يقصد به تصوير المعني في القلب وتثبيته ، وفيه معنيان ، أحدهما : أنها تمتلي ء مع اتساعها وتباعد أطرافها حتي لا يسعها شي ء ولا يزاد علي امتلائها ، لقوله تعالي ( لأملأن جهنم ) والثاني : أنها من السعة بحيث يدخلها من يدخلها وفيها موضع للمزيد . ويجوز أن يكون ( هل من مزيد ) استكثارا للداخلين فيها واستبداعا للزيادة عليهم لفرط كثرتهم . أو طلبا للزيادة غيظا علي العصاة . والمزيد : إما مصدر كالمحيد والمميد ، وإما اسم مفعول كالمبيع .

37 - ( غير بعيد ) نصب علي الظرف ، أي : مكانا غير بعيد . أو علي الحال ، وتذكيره لأنه علي زنة المصدر ، كالزثير والصليل : والمصادر يستوي في الوصف بها المذكر والمؤنث . أو علي حذف الموصوف ، أي : شيئا غير بعيد ، ومعناه التوكيد ، كما تقول : هو قريب غير بعيد ، وعزيز غير ذليل .

38 - وقرئ : توعدون بالتاء والياء ، وهي جملة اعتراضية . و ( لكل أواب ) بدل من قوله للمتقين ، بتكرير الجار كقوله تعالي ( للذين استضعفوا لمن آمن منهم )، وهذا إشارة إلي الثواب . أو إلي مصدر أزلفت . والأواب : الرجاع إلي ذكر الله تعالي ، والحفيظ : الحافظ لحدوده تعالي .

39 - ( ومن خشي ) بدل بعد بدل تابع لكل . ويجوز أن يكون بدلا عن موصوف أواب وحفيظ ، ولا يجوز أن يكون في حكم أواب وحفيظ ، لأن من لا يوصف به ولا يوصف من بين الموصولات إلا بالذي وحده . ويجوز أن يكون مبتدأ خبره : يقال لهم ادخلوها بسلام ، لأن ( من ) في معني الجمع . ويجوز أن يكون منادي كقولهم : من لا يزال محسنا أحسن إلي ، وحذف حرف النداء للتقريب ( بالغيب ) حال من المفعول ، أي : خشية وهو غائب لم يعرفه ، وكونه معاقبا إلا بطريق الاستدلال . أو صفة لمصدر خشي ، أي خشيه خشية ملتبسة بالغيب ، حيت خشي عقابه وهو غائب ، أو خشية بسبب الغيب الذي أوعده به من عذابه . وقيل : في الخلوة حيث لا يراه أحد . فإن قلت : كيف قرن بالخشية اسمه الدال علي سعة الرحمة ؟ قلت : للثناء البليغ علي الخاشي وهو خشيته ، مع علمه أنه الواسع الرحمة ، كما أثني عليه بأنه خاش ، مع أن المخشي منه غائب ، ونحوه ( والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة ) فوصفهم بالوجل مع كثرة الطاعات ، وصف القلب بالإنابة وهي الرجوع إلي الله تعالي ، لأن الاعتبار بما ثبت منها في القلب .

40 - يقال لهم ( ادخلوها بسلام ) أي سالمين من العذاب وزوال النعم . أو مسلما عليكم يسلم عليكم الله وملائكته ( ذلك يوم الخلود ) أي يوم تقدير الخلود ، كقوله تعالي ( فادخلوها خالدين ) أي مقدرين الخلود

41 - ( ولدينا مزيد ) هو ما لم يخطر ببالهم ولم تبلغه أمانيهم ، حتي يشاؤه . وقيل : إن السحاب تمر بأهل الجنة فتمطرهم الحور ، فتقول : نحن المزيد الذي قال الله عز وجل : ( ولدينا مزيد ) .

42 - ( فنقبوا ) وقرئ بالتخفيف : فخرقوا في البلاد ودوخوا . والتنقيب : التنقير عن الأمر والبحث والطلب . قال الحرث بن حلزة : نقبوا في البلاد من حذر المو ت وجالوا في الأرض كل مجال ودخلت الفاء للتسبيب عن قوله ( هم أشد منهم بطشا ) أي : شدة بطشهم أبطرتهم وأقدرتهم علي التنقيب وقوتهم عليه . ويجوز أن يراد : فنقب أهل مكة في أسفارهم ومسايرهم في بلاد القرون ، فهل رأوا لهم محيصا حتي يؤملوا مثله لأنفسهم ، والدليل علي صحته قراءة من قرأ ( فنقبوا ) علي الأمر ، كقوله تعالي ( فسيحوا في الأرض ) وقرئ بكسر القاف مخففة من النقب وهو أن يتنقب خف البعير . قال : * ما مسها من نقب ولا دبر * والمعني : فنقبت أخفاف إبلهم . أو : حفيت أقدامهم ونقبت ، كما تنقب أخفاف الإبل لكثرة طوفهم في البلاد ( هل من محيص ) من الله ، أو من الموت .

43 - ( لمن كان له قلب ) أي قلب واع ، لأن من لا يعي قلبه فكأنه لا قلب له . وإلقاء السمع : الإصغاء ( وهو شهيد ) أي حاضر بفطنته ، لأن من لا يحضر ذهنه فكأنه غائب ، وقد ملح الإمام عبد القاهر في قوله لبعض من يأخذ عنه : ما شئت من زهزهة والفتي بمصقلا باذ لسقي الزروع أو : وهو مؤمن شاهد علي صحته وأنه وحي من الله ، أو وهو بعض الشهداء في قوله تعالي ( لتكونوا شهداء علي الناس ) وعن قتادة وهو شاهد علي صدقه من أهل الكتاب لوجود نعته عنده وقرأ السدي وجماعة : ألقي السمع ، علي البناء للمفعول . ومعناه : لمن ألقي غيره السمع وفتح له أذنه فحسب ولم يحضر ذهنه وهو حاضر الذهن متفطن . وقيل : ألقي سمعه أو السمع منه .

44 - اللغوب : الإعياء : وقرئ بالفتح بزنة القبول والولوع . قيل : نزلت في اليهود لعنت تكذيبا لقولهم : خلق الله السموات والأرض في ستة أيام أولها الأحد وآخرها الجمعة ، واستراح يوم السبت واستلقي علي العرش . وقالوا : إن الذي وقع من التشبيه في هذه الأمة إنما وقع من اليهود ومنهم أخذ .

45 - ( فاصبر علي ما يقولون ) أي اليهود ويأتون به من الكفر والتشبيه . وقيل : فاصبر علي ما يقول المشركون من إنكارهم البعث ، فإن من قدر علي خلق العالم قدر علي بعثهم والانتقام منهم . وقيل : هي منسوخة بَية السيف . وقيل : الصبر مأمور به في كل حال ( بحمد ربك ) حامدا ربك ، والتسبيح محمول علي ظاهره أو علي الصلاة، فالصلاة ( قبل طلوع الشمس ) الفجر ( وقبل الغروب ) الظهر والعصر.

46 - ( ومن الليل ) العشاآن . وقيل التهجد ( وأدبار السجود ) التسبيح في آثار الصلوات ، والسجود والركوع يعبر بهما عن الصلاة . وقيل النوافل بعد المكتوبات . وعن علي رضي الله عنه : الركعتان بعد المغرب . وروي عن النبي صلي الله عليه وسلم " من صلي بعد المغرب قبل أن يتكلم كتبت صلاته في عليين " وعن ابن عباس رضي الله عنهما : الوتر بعد العشاء . والأدبار : جمع دبر . وقرئ : وأدبار ، من أدبرت الصلاة إذا انقضت وتمت . ومعناه : ووقت انقضاء السجود ، كقولهم : آتيك خفوق النجم

47 - ( واستمع ) يعني واستمع لما أخبرك به من حال يوم القيامة . وفي ذلك تهويل وتعظيم لشأن المخبر به والمحدث عنه ، كما يروي عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال سبعة أيام لمعاذ بن جبل : " يا معاذ اسمع ما أقول لك " ، ثم حدثه بعد ذلك . فإن قلت : بم انتصب اليوم ؟ قلت : بما دل عليه ( ذلك يوم الخروج ) أي : يوم ينادي المنادي يخرجون من القبور . ويوم يسمعون : بدل من ( يوم ينادي ) و ( المنادي ) إسرافيل ينفخ في الصور وينادي : أيتها العظام البالية والأوصال المنقطعة واللحوم المتمزقة والشعور المتفرقة إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء . وقيل : إسرافيل ينفخ وجبريل ينادي بالحشر ( من مكان قريب ) من صخرة بيت المقدس ، وهي أقرب الأرض من السماء باثني عشر ميلا ، وهي وسط الأرض ، وقيل : من تحت أقدامهم . وقيل : من منابت شعورهم يسمع من كل شعرة : أيتها العظام البالية .

48 - و ( الصيحة ) النفخة الثانية ( بالحق ) متعلق بالصيحة ، والمراد به البعث والحشر للجزاء .

49 - و ( الصيحة ) النفخة الثانية ( بالحق ) متعلق بالصيحة ، والمراد به البعث والحشر للجزاء .

50 - وقرئ : تشقق ، وتشقق بإدغام التاء في الشين ، وتشقق علي البناء للمفعول ، وتنشق ( سراعا ) حال من المجرور ( علينا يسير ) تقديم الظرف يدل علي الاختصاص ، يعني : لا يتيسر مثل ذلك الأمر العظيم إلا علي القادر الذات الذي لا يشغله شأن عن شأن ، كما قال تعالي ( ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة ) .

51 - ( نحن أعلم بما يقولون ) تهديد لهم وتسلية لرسول الله صلي الله عليه وسلم ( بجبار ) كقوله تعالي ( بمسيطر ) حتي تقسرهم علي الإيمان ، إنما أنت داع وباعث . وقيل : أريد التحلم عنهم وترك الغلظة عليهم . ويجوز أن يكون من جبره علي الأمر بمعني أجبره عليه ، أي : ما أنت بوال عليهم تجبرهم علي الإيمان . وعلي بمنزلته في قولك : هو عليهم ، إذا كان واليهم ومالك أمرهم ( من يخاف وعيد ) كقوله تعالي ( إنما أنت منذر من يخشاها ) لأنه لا ينفع إلا فيه دون المصر علي الكفر . عن رسول الله صلي الله تعالي عليه وسلم : " من قرأ سورة ق هون الله عليه تارات الموت و سكراته " .

مشخصات :
قرآن تبيان- جزء 27 - حزب 53 - سوره ذاریات - صفحه 522
قرائت ترتیل سعد الغامدی-آيه اي-باکیفیت(MP3)
بصورت فونتی ، رسم الخط quran-simple-enhanced ، فونت قرآن طه
با اندازه فونت 25px
بصورت تصویری ، قرآن عثمان طه با کیفیت بالا

مشخصات ترجمه یا تفسیر :
تفسیر کشاف

انتخاب  فهرست  جستجو  صفحه بعد  صفحه قبل 
اگر این صفحه عملکرد مناسبی ندارد
از این لینک کمکی استفاده فرمایید .
 
خدمات تلفن همراه
مراجعه: 87,258,146